هل ستنجح نهائيات كأس العالم في التقريب بين الجنوب افارقة

لندن (رويترز) - بعيدا عن القلق بشأن قدرة جنوب افريقيا على تنظيم نهائيات ناجحة لبطولة كأس عالم العام المقبل هناك سؤال مهم بشأن ما اذا كانت المسابقة ستنجح في التقريب بين الأعراق بعد 15 عاما من انتهاء حقبة التمييز العنصري.

ويأمل منظمو كأس العالم التي ستكون أكبر حدث رياضي تشهده افريقيا في حدوث لحظة شبيهة بالظهور التاريخي للزعيم نيلسون مانديلا بقميص المنتخب الوطني للرجبي حين فازت جنوب افريقيا بكأس العالم في هذه اللعبة في 1995 في جوهانسبرج.

وشكلت هذه اللفتة رمزا مميزا للوحدة الوطنية قدمته رياضة يعشقها البيض وساعدت على وضع حد لمخاوفهم بعد عام من بدء حكم الأغلبية.

وخاضت الأمة مشوارا طويلا منذ ذلك الحين لكن غياب الثقة والتوتر ما زالا قائمين بين الأعراق وقد يمثل النجاح في استضافة بطولة عالمية لأكثر الرياضات شعبية نقطة بداية جديدة.

وقال داني جوردان رئيس اللجنة المنظمة لنهائيات كأس العالم لرويترز "ساعد كأس العالم للرجبي في 1995 على تأكيد مكانة جنوب افريقيا ''كبلد متعدد الاعراق''. ستشهد نهائيات كأس العالم 2010 لكرة القدم وصول البلاد إلى مرحلة النضج."

وقال جوردان إن كأس القارات المقامة حاليا في جنوب افريقيا وتعتبر تجربة لاستضافة الحدث الأكبر العام المقبل أظهرت بالفعل "قدرة تلك الكرة على إقامة الجسور بين الأعراق المختلفة".

وأضاف "أنا مؤمن بأن كأس العالم لكرة القدم سيكون لها أثر أكبر."

وجوردان ليس الشخص الوحيد الواثق في أن نتائج هذه البطولة سيكون لها أثر هائل على الوطن ليقلل من حدة الانقسامات وسوء الفهم وكذلك دفع مزيد من البيض لممارسة كرة القدم التي أصبحت لعبة يمارسها عادة السود من أبناء جنوب افريقيا.

وقال ريتشارد مجواير رئيس تحرير مجلة كيك اوف المتخصصة في كرة القدم والتي تصدر في جنوب افريقيا في تصريح لرويترز "حتى البيض ينتابهم شعور هائل بالفخر حين يرون البلاد تستضيف أكبر حدث في العالم.. حتى وإن كانوا من عشاق رياضة الرجبي. أعتقد أن كأس القدم سيكون لها أثر في التقريب بين الناس وإنشاء علاقة من الوحدة والفخر الوطني."

لكن مع ارتفاع نسبة التفاؤل والسعادة حذر محللون من المبالغة في التأثير المتوقع من البطولة.

وسيكون السبيل الوحيد للتقريب بين أبناء جنوب افريقيا هو إنهاء التفاوت الهائل في الثروات والذي يعد بين أسباب ارتفاع معدلات الجريمة ليصبح واحدا من أعلى المعدلات في العالم.

وقال مجواير "يمكن أن تشعر بالسعادة لوجود كل هذه الأشياء في الاستاد لكن في صباح يوم الاثنين المقبل (بعد المباراة النهائية لكأس القارات بين البرازيل والولايات المتحدة التي ستقام يوم الأحد) حين تهطل الأمطار فوق كوخك المتواضع الذي تعلو سقفه أكياس بلاستيكية قد لا تشعر بهذه السعادة. هذه هي الحقائق المرة الكامنة والتي لن يمحوها أي كأس عالم."

وقال إبراهيم فقير وهو محلل في معهد جنوب افريقيا الانتخابي إن نهائي كأس العالم للرجبي في 1995 أقيم في سياق فريد عقب نهاية حقبة التمييز العنصري وفي وجود مانديلا بشخصيته الساحرة.

لكن معظم هذا التأثير كان مرحليا واختفت تلك العوامل وتقاعد مانديلا من ممارسة العمل السياسي.

وقال فقير إنه قد يكون لكأس العالم بعض التأثير في التوحيد بين الناس "لكن يجب التحذير من مغبة المبالغة في التوقعات كما حدث في الماضي."

وأضاف "ستحقق النهائيات بعض النجاح في التعامل مع تساؤلات حول العلاقات الاجتماعية الرمزية لكنها لن تحل المشكلة برمتها. يتطلب هذا تحولا سلوكيا وتغييرات حقيقية في توزيع الثروة."

وعززت كأس العالم بصورة كبيرة من النشاط الاقتصادي. واقترنت أعمال التشييد بأعمال الإنشاء في مجالات بناء الطرق والسكك الحديدية والاستادات في نقطة مضيئة نادرة وسط أول فترة ركود يعيشها أكبر اقتصاد افريقي منذ نحو عقدين.

ويتوقع أن يحظى قطاع السياحة المنتعش بدفعة كبيرة من البطولة حيث يتوقع وصول قرابة نصف المليون مشجع بفضل الأسعار المنخفضة نسبيا والرغبة في الجمع بين متعة كرة القدم مع الخروج في رحلة برية أو الاسترخاء على الشاطيء.

غير أن فقير حذر من أن معظم الفوائد في قطاعي توفير الوظائف والرعاية الصحية بغرض إنهاء حالة عدم المساواة الاقتصادية قد لا تستمر طويلا.

وقال "التعامل مع مسائل من قبيل عدم العدالة الهيكلية قضية أخرى. لا أعتقد أن هذا سيحدث."

وبينما فازت جنوب افريقيا في 1995 يتوقع لفريقها لكرة القدم الملقب بالأولاد أن يعاني للظهور بمظهر جيد في كأس العالم.

وقال مجواير "ستفقد البطولة شيئا ما إذا لم يحقق الفريق الجنوب افريقي نتائج جيدة وستجني أكثر بكثير من المتوقع إذا لعبت بشكل جيد. لكني لا أعتقد أن هذا سيؤدي الى فشل أو نجاح البطولة."

وحتى إذا انضم مزيد من البيض لقوائم عشاق كرة القدم فقد يكون من الصعب الحفاظ على حماسهم لفترة طويلة بسبب المستوى المتواضع في مسابقات الأندية المحلية. ويفضل البيض بالفعل مشاهدة المباريات الدولية التي تنقلها المحطات التلفزيونية.

ورغم الحماس المفاجيء لبعض البيض في كأس القارات التي تشهد أجواء رائعة وكرة قدم راقية يقلل البعض من أهمية كأس العالم 2010.

وقالت فليسيتي ديفيز وهي محللة مالية "لست واثقة من أن كأس العالم ستجمع جميع أعراق المجتمع في قوس قزح واحد. سيشاهد السكان السود كأس العالم في حاناتهم وسيشاهدها السكان البيض في منازلهم."

وقال مايكل دو بليسيس (62 عاما) "إذا فزنا بكأس العالم سأقول أحسنتم لكني لن أخرج لأصنع ضجيجا ببوق سيارتي."